في صفحات التاريخ الكويتي، برز اسم
عائلة الوزان (1) بين سطور المجد مع مطلع
القرن الثامن عشر، حين وقف رجالهم من أبناء "بني الخليفه" – وهو الاسم
الأصيل للعائلة قبل معركة الرقة (2) من قبيلة
الخليفات من الديلم – في وجه المحن . وقد حفظ لنا المؤرخ حسين خلف الشيخ خزعل،
حفيد حاكم المحمرة وعربستان وصديق الشيخ مبارك الصباح رحمهم الله، في كتابه
الموثوق "تاريخ الكويت السياسي"، طرفاً من بطولات هؤلاء الرجال حين روى
قصة معركة الرقة سنة 1782م (3)، تلك الواقعة
البحرية بين الكعوب وأهل الكويت، فكانت
اختباراً قاسياً للإرادة والصبر.
وراء هذه الملحمة، وقعت حرب شرسة مع بني
كعب، برئاسة الشيخ بركات بن عثمان بن سلطان، زعيم بني كعب في تلك الحقبة. والتي اندفعت
سفنهم الثقيلة عبر الخليج العربي، طامعة في أرض الكويت، فوقع الصدام بينهم وبين
رجال الكويت الشجعان، وجعلت الرقة ساحة مواجهة فاصلة تخلدت في ذاكرة الوطن وأبنائه.
وبرز من بين الفرسان نجمٌ من نجوم
هذه العائلة، هو الشهيد الجد نجم الوزان (4)،
ومعه الشهيد محمد الشمالي (5)، اللذان خلد
المؤرخ حسين خلف الشيخ خزعل ذكرهما في طيات السرد، فما زالت أسماؤهم تتردد كلما
اجتمع أهل الكويت على ذكر الشجاعة والفداء. والذين مضوا مع أقاربهم والكويتين إلى
ساحات المعركة، بخطى الواثقين من عون ربهم، ينازلون، ويتحسبون لغدر وعداوة الخصم، وأثبت التاريخ أنهم
قدموا أرواحهم شهداء في سبيل الكرامة والوطن.
ولم يكن نصر أهل الكويت في تلك
الواقعة إلا ثمرة شجاعتهم وبراعتهم في استعمال البنادق والسلاح ؛ وذكائهم في استدراج
العدو إلى الرق المنطقة التي تنحسرفيها المياه اثناء الجزر والتي أوقفت سفن العدو الكبيره
ومن ثم تم مهاجمتهم باستخدام الماشوه نوعٌ من القوارب الصغيرة التقليدية التي استخدمها
الكويتيين (6) وعادوا بعد انتصارهم يحملون المدافع غنائم،
ونصبوها على شاطئ الوطن تخليداً لتلك الذكرى الخالدة ومعنويات النصرلتتوارث
الأجيال قصة هذين البطلين مع اخوانهم الكويتتين، وكأنها نبراس يضيء الدروب،
ويذكّرهم بأن شرف الدفاع عن الأرض لا يفنى، وأن سير الأجداد كانت ومازالت زادًا
لأحفادهم في مسيرة المجد
تشير المصادر التاريخية إلى أن معركة
الرقة عام 1783م مثّلت محطة حاسمة في تاريخ الكويت، إذ انتهت بانتصار الكويتيين
وحسم أطماع الغزاة من قبيلة الكعوب. وتذكر الروايات أن من أبرز نتائج هذه المواجهة
استيلاء الكويتيين على أول مدفع قتالي دخل البلاد، حيث وُضع في البداية عند قصر
السيف ثم نُقل لاحقاً إلى المتحف الوطني. وعليه، يمكن القول إن هذا الحدث لم يكن
مجرد انتصار عسكري فحسب، بل أسّس لمرحلة جديدة من تعزيز القوة الدفاعية في المجتمع
الكويتي الناشئ.
إضافة إلى ذلك، تُجمع المصادر على أن
القيادة الكويتية في تلك الفترة، ولا سيما خلال حكم الشيخ عبد الله الأول
(1762–1812م) (7)، عمدت إلى اتخاذ جملة من
الإجراءات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي لتعويض بعض الأسر التي فقدت عدداً من
أبنائها في المعركة. ومن أبرز تلك الإجراءات منح عائلة الوزان امتياز ممارسة أعمال
"الوزّانة" لبني خليفة (8)، وهي المهنة المرتبطة بوزن البضائع في ميناء
الفرضة القديم مقابل تحصيل جزء من عائدات الخدمة. ومن ثم، فقد شكّل هذا الامتياز
مصدراً اقتصادياً بديلاً لتعويض خسائر العائلة من الشهداء، كما وفر وسيلة لإعالة
أسرهم.
وعليه، فإن هذه التدابير، كما توردها
الروايات التاريخية والوثائق (9)، تعكس وعياً
مبكراً لدى السلطة الكويتية بأهمية التكافل الاجتماعي والاقتصادي في أعقاب الحروب،
فضلاً عن إبرازها لنهجٍ سياسي قائم على إعادة توزيع الموارد بما يضمن تماسك البنية
المجتمعية. ومن ثم، يمكن اعتبار هذه الخطوات نموذجاً مبكراً لسياسات الرعاية
الاجتماعية خلال القرن الثامن عشر.
"تشير
الدلالات الأنثروبونيمية المرتبطة ببعض الأسماء الدارجة في أسرة الوزان منذ القرن
السابع عشر – مثل اسمي نجم وأمان – إلى وجود تقاليد تسميّة خاصة بالعائلة يمكن
تتبعها عبر الأجيال. ويبدو هذا الأمر أكثر وضوحاً عند دراسة الأسماء المتواترة في
القرن الثامن عشر، وأبرزها جدال وعنزان، وهما عمّان للجد حسين بن جاسم الوزان.
وتؤكد الروايات أنّ هاتين التسميتين ظلّتا تُورّثان للأبناء عبر الأجيال، حيث نجد
في القرن التاسع عشر أسماء مثل جدال بن حسين بن جاسم بن حسين الوزان، وعنزان بن
جاسم بن حسين الوزان، ثم استمرار التسلسل في عنزان بن طاهر بن عنزان بن جاسم بن
حسين الوزان.
وعند إجراء التحليل النقدي
لهذه الروايات ومقارنتها بالمعطيات المتوفرة حول الأسر والقبائل
المعاصرة، يتضح أنّ اسمي جدال وعنزان ليسا حكرًا على عائلة الوزان من "بني
الخليفة"، بل يظهران أيضاً في ثلاث قبائل أخرى: النعيمي، عنزة، والخليفات.
إلا أنّ المقارنة اللغوية والتاريخية تُظهر أنّ الارتباط الأقرب هو مع قبيلة
الخليفات، وذلك استناداً إلى قراءة اسم "الخليفات" ومقارنته باللقب
الأول المعروف لأسرة الوزان، أي "بني الخليفة"، قبل اتخاذ كنية الوزان،
وبالتحديد في الحقبة السابقة لمعركة الرقة عام 1782م.
إضافة إلى ذلك، فإنّ تعدد المصادر وتباينها – بين الروايات الشفوية التي تناقلها مسنّو العائلة بعد معركة الرقة وبين الوثائق العثمانية والمصادر المعاصرة – يتيح إمكانية تعزيز هذا الربط التاريخي. فقد أوردت الوثيقة العثمانية رقم (111) (10) أنّ الخليفات كانت عشيرة عربية تستوطن منطقة الديلم في تلك الفترة. وعليه، فإنّ العلاقة بين اسم بني الخليفة وأصلهم من منطقة الديلم، التي نزح منها قسم من السكان إلى الكويت في مطلع القرن السابع عشر لأسباب تتعلق بالأمن والاستقرار، تبدو مرجحة بالاستناد إلى هذه الشواهد.
ومن ثم، تأتي نتائج الفحوص الجينية
الحديثة لتضيف عنصرًا جديداً للتوثيق العلمي. إذ أثبت فحص الحمض النووي (DNA) الذي
أُجري عام 2024م على أحد أفراد الأسرة وجود تطابق جيني مؤكد مع سكان منطقة الديلم
(عربستان سابقاً، والمسمّاة حالياً خوزستان). وهذا المعطى العلمي المستقل يشكّل
دعماً قوياً للمرويات التاريخية، حيث يجمع بين ثلاث ركائز أساسية: الكنية الأولى
للأسرة (بني الخليفة)، الأسماء الموروثة المتواترة (جدال وعنزان) والمذكورة أيضاً
لدى قبيلة الخليفات، إضافة إلى صلة الخليفات بمنطقة الديلم الموثقة في السجلات
العثمانية.
وعليه، فإنّ هذا التلاقي بين المصادر
النصية (المرويات الشفوية والوثائق العثمانية) والمصادر العلمية
الحديثة (التحليل الجيني) يُعزز من مصداقية فرضية الأصل الديلمي لعائلة
الوزان – بني الخليفة سابقاً – كما يعكس منهجية بحثية متكاملة تقوم على النقد
المقارن وتعدد أبعاد التوثيق."
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) كتاب
(الموسوعة الكويتية المختصرة) تأليف الأستاذ حمد محمد السعيدان، ط 3، 1992/1993م،ص
1731 تحت رسم الوزان جاء تعريف الوزان: هو من يتولى وزن البضائع ويأخذ أجرة على
ذلك
(2) صفحات من تاريخ الكويت – يوسف بن
عيسى القناعي ص 17 (معركه الرقه) وتاريخ الكويت لعبد العزيز الرشيد ص 111 (معركه
الرقه)، من تاريخ الكويت لسيف مرزوق الشملان ص 119 (معركه الرقه)
(3) تاريخ الكويت السياسي' للكاتب حسين
خلف الشيخ خزعل الجزء الأول بنو كعب والكويت - معركة الرقة صفحة 49 – 51 ، مسلسل
الصراع السياسي – معركه الرقه البحريه بقلم غنيمه الفهد ص 27 مجله القبس 19 ابريل
2008 السنه 37 – العدد 12531.
(4) الجدير بالذكر ان الحاج نجم
عبدالله جاسم حسين الوزان ( 1910-1993 ) سمي على اسم الجد نجم الوزان اول الشهداء
الكويتين في معركه الرقه
(5) كتاب موسوعة اوائل كويتيه للباحث
عادل حسن السعدون
(6) هي نوعٌ من القوارب الصغيرة
التقليدية المستخدمة قديماً في الخليج العربي، وخاصة في الكويت، لصيد السمك ونقل
البحارة والأمتعة بين السفن والشاطئ تبحر في المياه الضحله
(7) كتاب آل صباح للكاتب Alan Rush.
(8) بني الخليفة الكنية التي عرف بها
الـوزان في الكويت اول ما تواجدوا في الكويت من قبل ان يعملوا بالوزانة ويشتهروا
بها كمهنه (في الماضي كان من الدارج ان تحل اسماء المهن على الاسم المحمول كلقب
بمرور الوقت)، بني الخليفه عرف بانهم في الكويت في القرن السادس عشر وسموا بالترك
قبل حرب الرقه نقل عن من سبق من المعمرين من العائله
(9) أعلام رسمي موقع من رئيس محاكم الكويت الشيخ عبدالله الجابر الصباح رحمه الله في تاريخ 28 يناير 1952 والتي تشير في البند الرابع 'ان الدكان في بهيته ملك لجاسم بن حسين الوزان اعطاه الشيوخ لوالده يشغله بآله الوزانه ثم اعطاه جاسم لولده عنزان .
(10) كتاب بيان الكويت صفحة 404
مهنة الوزّانة لعائلة الوزان في الكويت – قراءة تاريخية اجتماعية
الأصول التاريخية
تشير المصادر التاريخية إلى أن مهنة
الوزّانة (1) في الكويت نشأت في سياق التحولات التي
أعقبت معركة الرقة عام 1783م، والتي وقعت في عهد الشيخ عبد الله الأول بن صباح
(1762–1812م) (2). فقد مثلت تلك المعركة
منعطفاً في تاريخ الكويت، ليس فقط من حيث تثبيت الكيان السياسي وردع الأطماع
الخارجية، بل أيضاً من حيث ما تبعها من ترتيبات اجتماعية واقتصادية استهدفت إعادة
التوازن الداخلي. وفي هذا الإطار، مُنحت عائلة الوزان – بوصفها عائلة تحملت خسائر
بشرية معتبرة في المعركة – امتياز ممارسة أعمال الوزّانة في ميناء الفرضة القديم،
وهي مهنة تخصصت في وزن البضائع وتقدير قيمتها قبل تداولها في السوق. ويعكس هذا
الامتياز طريقة تقليدية للتعويض الاجتماعي، تضمن استمرار العائلات المتضررة في لعب
دور اقتصادي منتج داخل المجتمع.
التطور الزمني
امتدت ممارسة مهنة الوزّانة عبر
مراحل زمنية مختلفة، عكست بدورها التحولات الجغرافية لمراكز النشاط التجاري في
الكويت. فقد ابتدأت عند الفرضة، التي مثّلت آنذاك المنفذ التجاري الأساسي، ثم
انتقلت لاحقاً إلى موقع "المناخ فوق بهيْتة"(3)،
لتتكيف مع حركة التجارة وتوسعها. وفي مرحلة لاحقة، خصص الشيوخ لحسين الوزان دكاناً
في موقع أكثر قرباً من قلب النشاط التجاري، باتجاه ما يُعرف اليوم بالبنك المركزي
قرب مسجد العدساني. وتكشف هذه التنقلات عن دينامية اقتصادية تُظهر كيف كانت المهن
التقليدية تعيد تشكيل نفسها تبعاً لتغيير مراكز التجارة والأسواق. واستمر هذا
النشاط حتى منتصف القرن العشرين حين بدأ النظام الاقتصادي بالدخول في مرحلة الدولة
الحديثة.
البعد الاجتماعي
عند التحليل النقدي للروايات المتعلقة
بمهنة الوزّانة، يظهر أنّ هذا الدور حمل أبعاداً اجتماعية وسياسية تفوق طابعه
الاقتصادي المباشر. فقد شكّلت هذه المهنة وسيلة لإعادة توزيع الموارد بما يضمن
استمرار التكافل الاجتماعي، وهو ما يعكس وعياً مبكراً لدى القيادة الكويتية بأهمية
الحفاظ على النسيج المجتمعي عقب الحروب والصراعات. إضافة إلى ذلك، فإنّ تعدد
المصادر وتباينها – بين الروايات الشفوية التي تناقلتها أجيال الأسرة، والوثائق
الإدارية التي أشارت إلى ممارسة المهنة – يمنح الباحث أدوات متعددة لفهم العلاقة
بين الاقتصاد والسياسة في تلك المرحلة. ومن ثمّ، يمكن القول إن الوزّانة مثّلت
حالة نموذجية لدور المهن التقليدية في دعم الأمن الاجتماعي وربط الأسر بآليات
التعويض الاقتصادي.
التحول المؤسسي
مع حلول منتصف القرن العشرين، شهدت
الكويت بداية التحول من البنية الاقتصادية التقليدية إلى النظم المؤسسية الحديثة.
ففي عام 1951م، نُقلت أعمال الجمارك رسمياً إلى إدارة حكومية، الأمر الذي أنهى
الدور الفعلي لمهنة الوزّانة كوظيفة خاصة مرتبطة بعائلة بعينها. وقد جاء هذا
التحول متزامناً مع وفاة طاهر عنزان الوزان عام 1952م، ليشكّل تلازماً رمزياً بين
نهاية مرحلة تاريخية تقليدية وبداية مرحلة الدولة الحديثة ذات الإدارة المركزية.
وعليه، فإن دراسة الوزّانة لا تعكس مجرد تاريخ مهنة، بل تبيّن مسار تحول
اقتصادي-مؤسسي أعمق، يعبر عن انتقال الكويت تدريجياً نحو العمل المؤسسي الحديث
وإعادة هيكلة وظائفها الاقتصادية.
الخاتمة
من خلال
هذا العرض، يمكن القول إن مهنة الوزّانة تمثل نموذجاً لتحليل التفاعل بين البنية
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الكويت منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى
منتصف القرن العشرين. فهي من جهة تُظهر كيف أُدمجت الأسر المتضررة من الحروب في
المنظومة الاقتصادية عبر آليات تعويضية، ومن جهة أخرى تبرز بوصفها شاهداً على
التحول من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد المؤسسي. إن التحليل النقدي
للروايات والمقارنة بين تعدد المصادر وتباينها يكشفان أن
الوزّانة لم تكن مجرد حرفة، بل ممارسة تجسد عمق البنية التكافلية في المجتمع
الكويتي، وتُبرز كيف أسهمت هذه البنى في انتقال الكويت إلى مرحلة الدولة.
(1) الموسوعة الكويتية المختصرة لحمد
السعيدان الجزء الثاني صفحة 823 -الطبعة الأولى سنة 1971
(2) الحرف
والمهن والانشطه التجاريه القديمه في الكويت - محمد عبدالهادي جمال- (بنك الكويت
الصناعي) ص442
(3) المناخ :بقلم الكاتب والمؤرخ
فرحان عبدالله احمد الفرحان – الوطن – 13 سبتمبر 1995 العدد 7036\1482

عنزان² جاسم¹ حسين¹ الوزان

طاهر عنزان²جاسم¹الوزان
امتداد عائلة الوزان بعد معركة الرقة
تشير المصادر العائلية والروايات
التاريخية إلى أن حسين بن جاسم الوزان كان أحد الناجين بعد معركة الرقة
عام 1783م، وقد توفى عام 1805م. وكان له ولد وحيد هو جاسم حسين الوزان، الذي
لم يتجاوز الخامسة من عمره عند وفاة والده. تولى أمر تربيته ورعايته خاله أحمد
إبراهيم محمد علي الوزان (شقيق والدته)، الذي زوّجه لاحقاً من ابنته سارة من
زوجته الأولى "الحُرّة". وقد سلّم الخال أحمد، قبل وفاته، إدارة أعمال
الوزّانة إلى جاسم، إضافة إلى تركة والده وأعمامه (عنزان وجدال وعبدالكريم)، وما
ارتبط بها من تجارة وعقارات.
شخصية جاسم حسين الوزان
يُعدّ جاسم حسين الوزان (1800–1914م)
شخصية محورية في تاريخ الأسرة، إذ امتد عمره إلى 113 عاماً، ما أتاح له أن يكون
المؤسس الفعلي للعائلة الحالية. فقد عاصر مرحلة ما بعد معركة الرقة والأوبئة
الكبرى، ومنها الطاعون الذي اجتاح الكويت ونجد والعراق عام 1831م (1)، والذي أودى بحياة أعداد كبيرة من الكويتيين ومن
بينهم رجال من أسرة الوزان. ويُجمع الرواة على أنّ جاسم كان أحد الناجين
الرئيسيين، الأمر الذي جعله المسؤول المباشر عن إعادة بناء الأسرة وتعزيز امتدادها
عبر زواجه من امرأتين وإنجابه عدداً كبيراً من الأبناء الذكور، ما أعاد التوازن
العددي للعائلة.
الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية
إلى جانب تقلده أعمال الوزّانة في
الفرضة، ورث جاسم حسين الوزان الدكاكين الخاصة بأعمامه عنزان وجدال بعد وفاتهما،
وكانت مخصصة لبيع الحبوب والفواكه والخضار. كما تولى مهمة توريد المشتريات
الغذائية للأسرة الحاكمة (2)، في دلالة على
الثقة التي
حظي بها عند الشيوخ. وتشير المصادر
الوقفية إلى أنّ جاسم حسين الوزان قام عام 1860م بوقف بعض المساجد خلال حياته (3)، وهو ما يعكس دوره الاجتماعي والديني إلى جانب
مكانته الاقتصادية.
انتقال المهنة عبر الأجيال
مع تقدّم العمر بجاسم حسين الوزان،
أورث أعمال الوزّانة (4) إلى ابنه عنزان
بن جاسم حسين الوزان (5)، الذي حافظ على مهنة
العائلة. وبعد وفاته، انتقلت المهنة إلى ابنه طاهر بن عنزان جاسم حسين الوزان
، الذي يعدّ من أبرز ممثلي الجيل الحديث لمهنة الوزّانة في بداية القرن العشرين.
فقد كان مكلفاً بوزن المواد الغذائية والحبوب – وبخاصة القمح والشعير – في الفرضة،
كما تولى مهمة استلام الضريبة الحكومية من التجار، وهو ما يوضح البعد المؤسسي الذي
أخذت المهنة تكتسبه مع دخول الكويت القرن العشرين.
نهاية مرحلة وبداية أخرى
انتهت
مهنة الوزّانة فعلياً بوفاة طاهر بن عنزان عام 1951م، حيث تحولت مسؤولية إدارة
الأوزان وتحصيل العوائد الجمركية إلى جهاز الجمارك الحكومي. ومن ثمّ، فإنّ قصة
الوزّانة في أسرة الوزان – الممتدة منذ ما بعد معركة الرقة وحتى منتصف القرن
العشرين – تمثل نموذجاً دقيقاً لتطور المهن التقليدية في الكويت من صيَغها الأسرية
إلى صيغها المؤسسية الحديثة.
(1) مقالات عن الكويت – أحمد البشر ص 35،
(وبعد عام 1831 م زار الرحالة ستوكلر الكويت و قال 'انه أول أوروبي يزور هذه
البقعة منذ زمن وقال إن المدينة تمتد نحو ميل على البحر وعدد سكانها ما يقارب 4000
نسمة وذكر السبب في تناقص عدد سكانها عما ذكره من قبله وهو مرض الطاعون الذي سبب
تناقص كبير بعدد سكان المدينة حيث قضي على معظم سكان المدينة)
(2) نقل عن من سبق من المعمرين من
العائله يعقوب جاسم الوزان
(3) وزاره الاوقاف: وقف مساجد : جاسم
حسين الوزان 13\1\1861 بموجب وثيقه عدسانيه 1 رجب 1277ه (1860م)
(4) أعلام
رسمي موقع من رئيس محاكم الكويت الشيخ عبدالله الجابر الصباح رحمه الله في تاريخ
28 يناير 1952 والتي تشير في البند الرابع 'ان الدكان في بهيته ملك لجاسم الوزان
اعطاه الشيوخ له ليشغله بآله الوزانه ثم اعطاه جاسم لولده عنزان
(5) الوثيقة العدسانية عام 1335 هجري 1916 م تشهد بان والد جاسم اعطى دكان الوزانة الواقع في محله الوزان قرب مسجد العدساني لأبنة عنزان بن جاسم الوزان
مقطع بحثي توثيقي يندرج ضمن سياق دراسة شاملة عن
عائلة الوزان بعد الطاعون (1831م):
الناجون من أسرة الوزان بعد الطاعون
(1831م)
تشير الروايات والوثائق إلى أن
الطاعون الذي اجتاح الكويت ونجد والعراق عام 1831م خلّف آثاراً عميقة على التركيبة
السكانية، إذ أدى إلى وفاة عدد كبير من أفراد الأسر الكويتية، ومن بينهم رجال من
عائلة الوزان. غير أنّ بعض الشخصيات برزت بوصفها ممن نجوا من هذا الوباء في تلك
الفترة، وأسهموا في إعادة استمرارية العائلة وحضورها الاجتماعي والاقتصادي. ومن
بين هؤلاء:
جاسم بن محمد الوزان
جاسم بن محمد، عمّ جاسم حسين الوزان،
ورد اسمه في الوثائق التاريخية، وتحديداً في وثيقة المبايعة (انظر
قسم الوثائق). نجاة هذه الشخصية واستمرارها بعد الطاعون كان لها دور في الحفاظ على
الامتداد العائلي في تلك المرحلة المبكرة.
خلف الوزان
تُشير إحدى الوثائق (وثيقة بيع لولوة
خلف الوزان للحوش – انظر قسم الوثائق) إلى أن خلف الوزان انتقل لاحقاً للسكن في
البادية، وقد عُدّ وفق إفراز بندر السعدون من أهل الكويت. ما يميز هذه الشخصية هو
صلتها بالبيئة الحضرية والبدوية معاً.(1)
عبدالحسين عبد الله الوزان
تفيد المصادر أن عبدالحسين عبد الله
الوزان ذكر اسمه في بيع العقارعام 1850م، إذ اشترى بيوتاً قرب كارجة بيت
عيدي بشهادة حسن عيدي (كما ورد في العدسانية في كتاب
محمد جمال). (انظرقسم الفيديو من المسلسل 1810) وتذكر المصادر أن أسر عائلة الوزان ارتبطت منذ
أكثر من 250 عاماً بمصاهرة مع عائلات كويتية أخرى مثل آل عيدي، والمحيميد،
والشمالي، وآل بوعباس، ما يعكس الاندماج الاجتماعي الطويل الأمد.
نظام التكافل الاجتماعي بتبني
الأطفال الذين توفو أهاليهم خلال فترة الطاعون
نظام التكافل الاجتماعي في الكويت
خلال فترات الأوبئة الكبرى – وعلى رأسها جائحة الطاعون في القرن التاسع عشر –
اعتمد بشكل عضوي على بنية الأسرة الممتدة والتضامن المجتمعي في مواجهة فقدان
الأهل، وخاصة للأيتام من الأطفال. تظهر المصادر التاريخية أن المجتمع الكويتي،
الذي تميز بترابطه الأسري والقبلي القوي، كان يلجأ إلى تبني أو كفالة الأطفال
الذين فقدوا والديهم نتيجة الطاعون أو الكوارث، من خلال إدماجهم في أسر الأقارب أو
العائلات الكبرى، حيث كانت العناية اليومية والتربية والتعليم تقع على عاتق
العائلة الكبيرة أو العشيرة التي ينتمي إليها الطفل
خالد الوزان
تربي خالد الوزان وعمل عند الشيخ
دعيج الجابر، عم الشيخ مبارك الكبير، وكان صديقاً مقرّباً للشيخ مبارك. وقد
تزوّج من حصّة بنت أحمد الصانع، فأنجب منها بنتاً هي سلامة خالد
الوزان. تزوجت سلامة من إبراهيم المعيلي، وأنجبت عدداً من الأبناء منهم خالد
وعمر (توفيا)، ومحمد الذي استقر في البحرين، وبنتين هما شمّة وأنِسَة، وقد تزوجت
الأخيرة عبدالله المعيلي فأنجبت حصّة وطيبة. وقد دُفن خالد الوزان في مقبرة
الدهلة، فيما توفيت ابنته سلامة في أواخر الأربعينات من القرن العشرين.(1)(2)
يوسف الوزان (بوحمْرة)
تربى يوسف الوزان عند أسرة بوحمرة
(ومن هنا لقبه)، وكان له ابنان هما يعقوب وعبد الرحمن. وتشير الروايات المتأخرة
إلى أن يعقوب أنجب ابناً اسمه يوسف بن يعقوب بن يوسف، الذي تزوج من أسرة الرشيد
(عمة عبد العزيز الرشيد).
أمان بن عبد الكريم الوزان
يعدّ أمان بن عبد الكريم ابن عمّ جاسم حسين الوزان، وقد عاصره في تلك الفترة. وخلّف أمان ذرية من الأبناء والأحفاد تربوا عند احمد، ومن سلالته صالحة بنت عبد الكريم أمان الوزان (1865–1971م)(3)، التي تؤكد امتداد خطه العائلي عبر الإناث حتى نهاية القرن العشرين.
جاسم بن حسين الوزان
جاسم حسين الوزان، ورد اسمه في الوثائق التاريخية، وتحديداً في وثيقة المبايعة (انظر قسم الوثائق). نجاة هذه الشخصية واستمرارها بعد الطاعون كان لها دور في الحفاظ على الامتداد العائلي في تلك المرحلة المبكرة تربى عند احمد خاله.
قراءة تحليلية
من خلال تتبع هذه الأسماء، نلاحظ أنّ التحليل
النقدي للروايات والاستناد إلى الوثائق يكشفان عن تنوع أدوار أفراد
الأسرة بعد الطاعون. فمنهم من استمر في ممارسة الأنشطة التجارية (عبد الحسين)،
ومنهم من ارتبط بالسلطة (خالد)، ومنهم من أسس امتداداً عائلياً عبر المصاهرات أو
التربية عند أسر كويتية أخرى (يوسف بوحمرة). يعكس هذا التوزع قدرة الأسرة على
إعادة بناء حضورها الاجتماعي والاقتصادي في فترات الأزمات، مع انفتاحها على شبكات
المصاهرة والعلاقات السياسية والتجارية، وهي عناصر مثّلت ركيزة لاستدامة موقعها
داخل المجتمع الكويتي.
(1)نقل
عن من سبق من المعمرين من العائله يعقوب جاسم الوزان
(2) نقل عن خالد القعود
بوراشد حفيد سلامة
(3)من وثيقه جنسيه صالحه عبد الكريم
توضح ميلادها
مساكن عائلة الوزان وتطور استقرارها في الكويت
تشير الوثائق والمرويات إلى أن بداية
سكن عائلة الوزان كانت في فريج الخوص، الذي سُمّي بهذا الاسم لكون بيوته
مشيّدة من الخوص والبَارِيّة (سعف النخل). وقد عُرف هذا الفريج بكونه من أقدم
الفرجان في الكويت، إذ كان يقع أمام قصر السيف جنوباً، على مرتفع «البهيتة». ومع
مرور الزمن، وبسبب كثرة بيوت العائلة ودكاكينها في تلك المنطقة (1)، أطلق على الفريج في وقتهآ اسم فريج الوزان، ثم ورد في
الوثائق الرسمية لاحقاً باسم محلة الوزان. وقد تميز موقعه بقربه من مسجد
العدساني(2)، في نطاق المناخ، وفوق البهيتة (3). وقد ظل آخر من سكن والدكان في هذا الفريج من
العائلة لطاهر بن عنزان بن جاسم بن حسين الوزان حتى عام 1951م.
مساكن الأجداد وتفرعاتها
-تشير
الروايات إلى أن حسين بن جاسم الوزان ووالده ثم أحد إخوته أقاموا في
بيتين متقابلين، يربط بينهما "مسقف" عُرف بـ مسقف الوزان، وكان يقع
قرب بيوت الفارس والصرعاوي وبن عون، شمال براحة السبعان وبالقرب من مسجد بن بحر(4).
-لاحقاً،
ومع استمرار توسّع المدينة، انتقل يعقوب بن جاسم الوزان وعلي بن جاسم
الوزان إلى مساكن أخرى قبل مرحلة تنظيم المدينة الحديثة.
-قام خلف
بن علي بن جاسم الوزان بشراء بيت في فريج الحدادة وآخر في الميدان،
إضافة إلى امتلاكه عدداً من المزارع بالقرب من فريج الحدادة، مما يعكس بداية تنامي
الثقل الاقتصادي للعائلة في تلك الفترة.
-كما
يشير السجل التاريخي إلى أن حسين بن جاسم الوزان اشترى بيتاً في دروازة
عبد الرزاق، ثم وهبه لابنه محمد علي بن حسين بن جاسم الوزان.
مراكز التمركز الجديدة
إلى جانب هذه التنقلات، ووفق ما
تذكره بعض الوثائق، اتجه العديد من أفراد العائلة لاحقاً إلى شراء بيوت في مناطق
قريبة من دروازة عبد الرزاق ومدار الشمالي، وهو ما شكّل بداية الانتقال
إلى التمركز داخل المناطق التجارية الأكثر حيوية بالكويت الحديثة آنذاك.
قراءة تحليلية
من خلال التحليل النقدي
للروايات والوثائق ذات الصلة، يمكن القول إن انتقال مساكن عائلة الوزان
يعكس مسارين متداخلين:
-التحول العمراني من الفرجان
المبكرة (فريج الخوص، فريج الوزان) إلى مناطق الأسواق والمراكز الحضرية الأوسع
(المناخ، العدساني، دروازة عبد الرزاق).
-التنامي
الاقتصادي والاجتماعي للعائلة، والذي انعكس في امتلاك بيوت ومزارع داخل وخارج
القلب التجاري، مما يدل على اندماجها في النشاط الاقتصادي الحيوي للمدينة.
(1) من
وصيه احمد ابراهيم الوزان 'الكعبي' في 1277 هجري 1861 م الذي قام برعايه جاسم حسين
الوزان (وزوجه بنته) وكان وصيا على حلال عمام جاسم جدال وعنزان وعبدالكريم يوضح
فيها حقوق وارث ابناءه وابناء عم جاسم وجاسم ويصف الدكاكين والبيوت في هذه المنطقه
من بهيته للمناخ الموصوفه فيما بعد بالوثيقه العدسانيه 26 صفر 1335 هجريه 1916 م
(2) وثيقه
بيع بيت عنزان جاسم حسين الوزان عام ١٩٥٦ في محله مسجد العدساني والتي تحدد موقع
البيت مع البيوت المجاوره والمقابله منها باتجاه جبله بيت احمد الوزان وبيت احمد
محمد البحر وجنوبا بيت احمد الوزان ومخزن محمد عقيل زمان.
(3) حددت موقع البيت وثيقه عدسانيه
في عام 1335 هجري ليعقوب بن جاسم بن حسين محمد علي الوزان خاصه بالدكان الذي اوهبه
جاسم حسين الوزان لأبنه عنزان بن جاسم وتذكر الوثيقه 'الدكان الصغير الواقع في
محله بيت احمد الوزان الذي يحده قبلنا وجنوبا بيت خديجه بنت احمد الوزان وشمالا
الطريق الفاصل بينه وبين بيت احمد الوزان وشرقا دكان المفرق
(4) وثيقه مبايعة عدسانيه للسيد/
منصور الفريح الذي اشترى بيت المريشد الواقع في الحي القبلي بالقرب من مسجد بن بحر
موقع سوق الذهب الحالي 3 رجب سنة 1312 الذي حدد منزل الوزان من ناحية جنوب وشمال
وهو المنزل الذي يعود لحسين بن جاسم بن حسين الوزان
ملاحظة: جميع حقوق الطبع والملكية الفكرية محفوظة، وبالامكان الاستفادة من كافة البيانات مع مراعاة ذكر المصدر.